قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رأيت الذنوب تميت القلوب و يرث الذل إدمانها..
رأيت الطمع يخرب النفوس و خير للنفس قناعتها..
رأيت التكبر يلغي العقول و خير للعقول تواضعها..
رأيت الحقد يدنس الروح و خير للروح صفائها..
رأيت الخلائق تطيع المخلوق و تعصي مولاها و خالقها..

فمتى يفيق القلب من الغفلة..وتتجرد النفس من المساوئ..و تطهر الروح من المفاسد..و يعود العقل لرشده..

اسمعوا قول العزيز الجبار :
{ ألم يان للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق }

نفسي..
كلما قومتك ازددتي اعوجاجا..
و كلما أصلحتك ازددتي عصيانا..
و كلما نهيتك ازددتي اصرارا..

{ و نفس وما سواها فألهمها فجورها و تقواها قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها }

نفسي..
ما أجرأك على خالقك..
ما أغفلك عن مصيرك..
ما أقساك على جوارحك..

{ اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون }

نفسي..
للمعاصي أنت سباقة..
و للخيرات أنت مناعة..
للدنيا أنت مقبلة..
و على الآخرة أنت مدبرة..

{ فأما من طغى* و ءاثر الحياة الدنيا فإن* الجحيم هي المأوى }

نفسي..
اعلمي أن لكل موجود نهاية..
وأن للموت سكرة..
يأتي فجأة و بغتة..
و أن في القبر وحشة..

{ و جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد }

نفسي..
لا تسوقين للهلاك..
فلا صبر لي على العذاب..
و لا طاقة لي على النار..
و لن أطيق غضب الجبار..

{ إن جهنم كانت مرصادا* للطاغين مئابا* لابتين فيها أحقابا* لا يذقون فيها بردا و لا شرابا* إلا حميما و غساقا *جزاءا وفاقا }

نفسي..
أكثري الذكر كي تطمئني..
و اعصي الشيطان كي تسعدي..
أطيعي المولى لتفوزي..
و اعملي الخير في دنياكِ..
لتناليه في أخراكِ..

{ و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى*فإن الجنة هي المأوى }

نفسي..
أحبي الله يحببك..
و ازرعي الخير تحصديه..
احفظي الله يحفظك..
وكوني للنعيم من السابقين..

{ فالسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم }

نفسي..
إنما أنت أيام..
أطيع فيها القدوس السلام..
و لا تتبعي قول شر الأنام..
لتعيش في أمن و سلام..
و ترافقي في الجنة خير الأنام..

و لا خير في الدنيا لمن لم يكن له *** من الله في دار المقام نصيب
فإن تُعجِب الدنيا رجالا *** فإنها متاع و الزوال قريب



يقول البوصيري في قصيدة البردة ..

والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وان تفطمه ينفطم ..


وفي حديث قدسي شريف

قال الله سبحانه وتعالى :

( يا ابن آدم جعلتك في بطن أمك. وغشيت وجهك بغشاء لئلا تنفر من الرحم
و جعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام
و جعلت لك متكأ عن يمينك و متكأ عن شمالك
فأما الذي عن يمينك فالكبد و أما الذي عن شمالك فالطحال ..
و علمتك القيام و القعود في بطن أمك فهل يقدر على ذلك غيري ؟؟
فلما أن تمّت مدتك.
أوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه.
لا لك سن تقطع و لا يد تبطش..
و لا قدم تسعى فأنبعث لك عرقين رقيقين في صدر أمك يجريان لبنا خالصا.
حار في الشتاء و باردا في الصيف . و ألقيت محبتك في قلب أبويك.
فلا يشبعان حتى تشبع و لا يرقدان حتى ترقد
فلما قوي ظهرك و أشتد أزرك .
بارزتني بالمعاصي في خلواتك
و لم تستحي مني . و مع هذا إن دعوتني أجبتك
(وإن! سألتني أعطيتك وإن تبت إليّ قبلتك )

نسأل الله تعالى ان يثبتنا عند سؤال الملكين ويهون علينا وحده القبر ووحشته ويغفر لنا ويرحمنا انه على ما يشاء قدير
اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها
اللهم انا نسألك التقي والغني والهدي والعفاف ..